
وزير الثقافة والفنون “زهير بللو” في زيارة إلى المكتبة الوطنية الجزائرية بمناسبة اليوم العربي للمخطوط
خليدة زغلامي
في إطار إحياء اليوم العربي للمخطوط، الذي يصادف الرابع من أفريل من كل عام، وتحت شعار “المخطوط العربي: حياة أمة ورائد حضارة”، قام السيد “زهير بللو” وزير الثقافة والفنون يوم الأحد 06 أفريل 2025 بزيارة تفقدية إلى المكتبة الوطنية الجزائرية بدائرة المخطوط.
حيث أشرف “زهير بللو” بالمناسبة على معاينة معرض خاص يضم نفائس المخطوطات وتقنيات حفظها، أين قدمت له شروحات ومعلومات تخص العملية، وخلال هذه الزيارة تفقد السيد الوزير سير عمليات رقمنة المخطوطات والمعالجة الوقائية لها وترميمها، واطلع عن كثب على التقنيات المستخدمة في هذا المجال، حيث تلقى عرضا مفصلا من طرف السيد المدير العام للمكتبة الوطنية الجزائرية وخبراء المكتبة حول عمليات الترميم التي تنفذها مصلحة التصوير، والإجراءات التقنية لرقمنة المخطوطات، وكذا العملية التي تقوم بها مصلحة الحفظ وترميم الوثائق والمخطوطات بالمكتبة الوطنية والخزائن الخاصة على المستوى الوطني.
هذا وفي إطار إستراتيجية الدولة لحماية التراث الثقافي، أشاد السيد “زهير بللو” بالتطور الملحوظ في تقنيات الحفظ والترميم، حيث بلغ عدد المخطوطات المحفوظة بالمكتبة الوطنية و المركز الوطني للمخطوطات بأدرار أكثر من 9000 مخطوطا، إضافة إلى 4401 كتاب نادر، كما ثمن بدوره جهود المكتبة في تكوين تقنيي 35 مؤسسة عمومية وخاصة في مجالات الحفظ والترميم والتجليد، مشيرا إلى أن هذه المبادرات تعكس التزام الوزارة بحماية التراث الثقافي الوطني.
و في ذات السياق أبرز السيد الوزير بأن عمليات الترميم والحفظ تسير على قدم وساق باستعمال أعلى التقنيات وتحت إشراف تقنيين وخبراء يقومون بعملية ترميم ورقمنة مستمرة مست لحد الآن ثلث هذه الكنوز، معتبرا بأن التوصل إلى ترميم ورقمنة ثلث المخطوطات هو إنجاز نفتخر به.
كما لفت الوزير إلى أن عمليات الترميم والرقمنة تسري بفضل تظافر جهود كل من وزارة الثقافة والفنون، ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف والمركز الوطني للأرشيف، منوها بدور القائمين على الخزائن الذين يعملون على حماية مخزونهم ومحاربة البيع غير المشروع ونهب هذه المخطوطات لكونها جزءا من التراث الوطني.
مشيرا إلى أن المكتبة الوطنية تضم كنوزا من الكتب النادرة في العالم، وهي جزء من الرصيد الذي تضمه مؤسسات قطاع الثقافة التي تحتوي على 10 ألاف مخطوط موزعة بين المكتبة الوطنية والمركز الوطني للمخطوط في أدرار.
حيث أبرز الوزير خلال زيارته الإنجازات الهامة التي حققت في مجال الترميم و الرقمنة، إذ تم خلال سنة 2024 وبداية 2025 ترميم 100 مخطوطا و14 صورة حجرية (Lithographie) وفق المعايير العلمية المعمول بها، و عليه أشاد الوزير بمشروع الرقمنة الذي مكن من رقمنة 3100 مخطوطا داخل المكتبة الوطنية، إلى جانب 17000 وثيقة خارجها، مع التأكيد على أن الهدف المسطر لسنة 2025 هو رقمنة 30000 وثيقة.
هذا وكشف “زهير بللو” وزير الثقافة و الفنون عن تمكن الجزائر من إدراج مخطوطين في “سجل ذاكرة العالم” التابع لمنظمة اليونسكو، ويتعلق الأمر بكل من “المستملح من كتاب التكملة” لمؤلفه بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، والثاني هو كتاب “القانون في الطب” لابن سينا.
وفي ختام زيارته، شدد السيد الوزير على ضرورة مواصلة الجهود لتعزيز مكانة المخطوط وكل الوثائق التاريخية وحمايتها من الضياع ، داعيا جميع الفاعلين في المجال الثقافي إلى الانخراط في هذه المساعي الوطنية لضمان نقل هذا الإرث الثمين إلى الأجيال القادمة.
كما شدد على ضرورة تدعيم هذه المجهودات عن طريق دعوة طلبة المدرسة العليا لحفظ التراث الثقافي إلى التعاون مع المكتبة الوطنية من أجل تكوين تقنيين في المجال، داعيا كل مالكي المخطوطات من خزائن وزوايا، إلى التقرب من المكتبة الوطنية والمركز الوطني للمخطوطات بأدرار من أجل حماية هذه الممتلكات ورقمنتها وتنقيتها ومرافقة مالكيها، كونها كنوز تعكس تاريخ الجزائر.”
من جهة أخرى، أكد الوزير أن إيداع الجزائر مؤخرا لملف تسجيل “فن تزيين بالحلي الفضي و اللباس النسوي لمنطقة القبائل: صناعة وتفصيل وارتداء” ضمن التراث الثقافي غير المادي لليونسكو هو بمثابة خطوة كبيرة في مجال الدبلوماسية الثقافية الجزائرية”.
وأوضح السيد بللو أن للجزائر حاليا على طاولة اليونسكو ملفين للتراث الثقافي غير المادي يتعلقان بالزليج وباللباس والحلي القبائلي، واللذين تم طرحهما من أجل دراستهما في الدورات القادمة، وأن الوزارة تعمل أيضا على إيداع 12 ملفا للتراث الثقافي المادي من أجل تحين القائمة الإرشادية المسجلة باسم الجزائر لدى اليونسكو.
كما شدد وزير الثقافة والفنون على أن هذه العملية تعتبر ديناميكية مهمة جدا، وتدخل في إطار الأمن الثقافي وحماية كل ما هو تراث وطني جزائري أصيل من الضياع، وكذا تثمينه وإدراجه في الحركية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد”.
ــ الجدير بالذكر أن مصلحة المخطوطات بالمكتبة الوطنية تضم 6902 مخطوطا، يوجد من بينها أقدم مخطوط مكتوب يعود للقرن الثاني الهجري، وهو عبارة عن بعض الآيات القرآنية المكتوبة على جلد الغزال بالخط الكوفي العراقي، ومخطوطات أخرى أغلبها بالخط العربي بكل أنواعه… وفق السيد ” الفكري محمد” عون مكتبي بالمكتبة الوطنية.
هذا و أكد نفس المتحدث لسياحي أن طريقة اقتناء المخطوطات تكون عن طريق الشراء أو الإهداء، و فيما يخص الشراء يتم التأكد من تاريخها و صحتها عن طريق فحصها و تقييمها.. ثم تعرض على لجنة خاصة التي تقوم بأخذ قرار الشراء أو عدمه.
مشيرا أن المخطوطات المتواجدة على مستوى المكتبة سواء كانت عن طريق الشراء أو الهدايا تمر على عدة مراحل، المرحلة الأولى تدرس و تقيم و تفهرس، أما المرحلة الثانية فهي حفظ هذه المخطوطات على مستوى مصلحة حفظ المخطوطات و هذا بعد تعقيمها، ثم يوضع لها رقم و رمز، مضيفا أنه قبل ما توضع المخطوطات في مخزن مجهز، يجب أن يتوفر على أجواء خاصة تساعد في الحفاظ على المخطوطات، بالإضافة إلى القيام بدوريات بين فترة و أخرى للمعاينة.
أما فيما يخص أنواع و مجالات المخطوطات المتواجدة على مستوى المكتبة صرح السيد “الفكري محمد” أن المكتبة تضم تقريبا كل المجالات على غرار:”التاريخ، علم الطب، الفقه الإسلامي، العلوم و غيرها من المجالات…”
ــ و من جهة أخرى أكدت السيدة “قدام مريم” مهندسة في هندسة الطرائق بالمكتبة الوطنية الجزائرية مصلحة الحفظ و التجليد لسياحي:” أن مصلحة الحفظ و التجليد تعتبر من أهم المصالح في المكتبة الوطنية نظرا لدور الذي تلعبه في حماية التراث الوطني و في معالجة الوثائق، سواء كانت ورقية أو سمعي بصري.
مؤكدة أنه عندما يدخل المخطوط إلى المصلحة يمر بعدة مراحل، الأولى هي “ملف خاص بكل وثيقة” أين يكتب عليها كل الملاحظات أو الأمراض التي تخص الوثيقة، مشيرة أن المصلحة تقوم بعملية التحاليل الميكروبيولوجية لمعرفة إذا كانت الوثيقة مصابة أم لا.. ثم نقوم بعملية إزالة الحموضة إذا تطلب الأمر، مضيفة أن المصلحة توم أيضا بعملية إزالة الغبار التي اعتبرتها مهمة جدا كونها تسمح بالقضاء على الفطريات التي تصيب الوثائق، بعدها ندخل إلى ورشة الترميم و هي عملية دقيقة و تتطلب وسائل و مواد خاصة تخضع لشروط النظامية العالمية للحفظ، من ورق ياباني و غراء خاص ….
مؤكدة أنها عملية دقيقة تتطلب صبر و عمل دقيق و وقت طويل، بالإضافة إلى تقنيات معينة.
هذا و أكدت نفس المتحدثة لسياحي أن عملية حفظ و ترميم المخطوطات تتطلب أيضا إلى عملية صناعة العلب التي يتم وضع داخلها المخطوط أو الوثيقة لحمايتها من العوامل الخارجية، و بعدها توضع في الخزائن، مؤكدة أن الوثيقة تصبح غير متداولة و لا تعطى للعامة، فقط عند الضرورة تقدم للباحثين، لأنه قبل دخول الوثيقة إلى المصلحة يجب رقمنتها، و بالتالي تصبح الوثيقة معالجة و مصانة في علبة للأجيال الصاعدة.
و من جهة أخرى صرحت السيدة “قدام مريم” مهندسة في هندسة الطرائق بالمكتبة الوطنية الجزائرية مصلحة الحفظ و التجليد لسياحي قائلة:” عملية الترميم تتطلب في بعض الأحيان يعود الأمر إلى الحالة تدهور الوثيقة، فإذا كانت الوثيقة متدهورة كثيرا بطبيعة الحال تأخذ وقت طويل، و أحيانا تكون الوثيقة متلاصقة مع وثائق أخرى و بالتالي نتشاور فيما بعضنا عن كيفية معالجتها، و الطريقة الصحيحة التي يجب اتخاذها للمعالجة”، و من جهة أخرى أكدت لسياحي أن المكتبة الوطنية عالجت و رممت من سنة 2024 إلى 2025 تسعة و سبعون وثيقة”.