
خليدة زغلامي
تعتبر ولاية قسنطينة أو كما يحلو البعض تسميتها بمدينة الجسور المعلقة من الوجهات الفريدة من نوعها، كيف لا و هي تتميز بسحر خاص يجعلها وجهة سياحية من نوع آخر.
حيث تعاقبت على أرضها العديد من الحضارات كالبيزنطية والفينيقية والرومانية، مما جعلها تتميز بتنوع ثقافي ومعماري، كما تتمتع بطبيعة خلابة، وتعتبر مكان مهم للسياحة التاريخية إذ تحتوي على العديد من الأماكن السياحة والأثرية كالمساجد القديمة والقصور الأثرية والحمامات والأبواب القديمة التي تعبر عن تاريخها الغني والطويل، هذا وتشتهر المدينة أيضا بالجسور المعلقة، فهي تمتلك ثماني جسور شهيرة تربط الضفة الشرقية بالضفة الغربية فيها.
هذا و يعتبر جسر الشهيد “ملاح سليمان” من أشهر جسور قسنطينة و أكثرها شعبية، تم بناؤه على يد المهندس الفرنسي “فرديناند آرودان” خلال الفترة الممتدة من 1917 إلى سنة 1925 و دخل حيز الخدمة رسميا في 12 أفريل من نفس السنة، وكان وقتها ثالث أعلى جسر في العالم بارتفاع 110 م على امتداد طول 125 مترا ليربط شارع العربي بن مهيدي بشارع رومانيا و محطة القطار بباب القنطرة، عرضه حوالي 03 متر على ارتفاع 130 مترا.
و للإشارة أنه عند انجاز هذا الجسر كان يسمى ممر بيريغو، وفي سنة 1962 عربت الدولة الجزائرية المستقلة هويته ليحمل اسم رشيد الحلواني المدعو “ملاح سليمان”.
جسر ملاح سليمان…الهوية البصرية لولاية قسنطينة
يعتبر جسر ملاح سليمان الوجهة الأولى لسياح و زوار مدينة قسنطينة العريقة، كونه يقدم إطلالة بانورامية أين سيتمتع الزائر بتلك المناظر الخلابة المهولة التي تسودها الخضرة والبيوت المتناثرة هنا وهناك التي تأخذك بجمالها المبهر الفتان، كما ستشاهد أيها القارئ الكريم الخضرة والجمال والشلالات على امتداد النظر، مناظر عظيمة ورهيبة تأخذ بمجامع القلوب خاصة و أنه الجسر الحديدي الوحيد بقسنطينة المخصص للراجلين فقط خلافا لباقي قناطرها السبعة، و بمجرد زيارتك لهذا الجسر التاريخي سينتابك إحساس و أنت تسير عليه بتمايله يمينا و شمالا، كما لو أنه يتأرجح بك و هذا ما زاد من شعبيته، و لعل السبب الرئيسي أيضا لزيارة هذا الجسر و اكتشافه عن قرب هي تلك القصص المتواردة على أنه مسكون بأشباح الأشخاص الذين قاموا بالانتحار من فوقه.
و في هذا السياق صرح السيد” العرس محمد” مفتش رئيسي في السياحة بمديرية السياحة و الصناعة التقليدية لولاية قسنطينة لسياحي قائلا:” في البداية يجب أن نعرف أن هذا الجسر تمت تسميته على اسم الشهيد “رشيد الحلواني” المدعو ملاح سليمان، كما يعرف محليا أيضا باسم قنطرة “السانسور” بسبب المصعد الكهربائي المتواجد بنهاية الجسر، مضيفا أن سلاليمه اللولبية تخترق الصخر العتيق لتحفر خمس طوابق، أما مصعده الكهربائي فيتسع لـ 10 أشخاص وتكفيك بضعة دنانير فقط لنقلك إلى الضفة الأخرى من قلب المدينة، فبمجرد أن تفتح أبواب المصعد ستجد نفسك عند مدخل أعرق الأحياء و الشوارع”، هذا و أكد نفس المتحدث لسياحي أن جسر ملاح سليمان عبارة عن جسر مشاة يقع بين جسري سيدي راشد والقنطرة ويربط منطقة المحطة بوسط مدينة قسنطينة، مشيرا أن الجسر خضع لعملية ترميم في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ولم يؤثر العمل إلا على هيكل الجسر وصيانة الكابلات التي تحمله “.
و من جهة أخرى أكد المرشد السياحي المختص في المسارات التاريخية “عبد الرشيد العريبي” لسياحي قائلا:” غالبا ما يشار إلى قسنطينة باسم “مدينة الجسور المعلّقة” نظرا للعديد من الجسور الخلابة التي تربط التلال والوديان المختلفة التي بنيت عليها المدينة وحولها، بعضها للسيارات والمركبات والبعض الآخر للمشاة و هذا ما نجده في جسر “ملاح سليمان”، مؤكدا أن الجسر يعتبر من المزارات السياحية المرغوبة لما يحمله من قصص تاريخية و ما يقدمه من إطلالات ساحرة تعكس عراقة المدينة، حيث يستعمله يوميا المئات من المارة الذين يقصدون المدينة أو يغادرون منها، فضلا عن توافد السياح المحليين والأجانب عليه للاطلاع عليه ومشاهدة هوة وادي الرمال التي شيد فوقها، مؤكدا أن هذه المميزات التي يتميز بها الجسر جعل منه وجهة السياح الأولى بدون منازع”.