
خليدة زغلامي
تعتبر “وادي ميزاب” بولاية غرداية وجهة سياحية مميزة و فريدة من نوعها، كيف لا وهذا الموقع المتجانس الشاسع والمعقد يتميز بأصالة هندسته المعمارية فوق هضبة عالية تطبعها القصور التي شيدها بكل براعة ودقة السكان القدامى لهذه المنطقة الساحرة، رغم أنهم لم يكونوا من أصحاب المعدات الضخمة أو الشعوب المتقدمة في ذلك العصر (حوالي 1000 م )، فلقد استعملوا الأخشاب و السعف و الجريد، ليبنوا قصورا رائعة جميلة لها سحر خاص يميزها عن باقي القصور التقليدية، كونها تتميز بطابعها العمراني الرائع و النادر، و نظرا لتصميم وادي ميزاب الذي يتجلى حسب عديد أخصائي التراث الثقافي والمعماري على مستوى “النموذجية الفريدة من نوعها والعملية” صنف من طرف منظمة اليونيسكو عام 1982 كمحمية ثقافية و تراثا إنسانيا عالميا يجب عدم المساس به.
ــ و حسب الناشط الجمعوي و رئيس اللجنة الولائية للسياحة وحماية الآثار بغرداية “إلياس سعيد” أن كلمة “القصور” تعني القرى، مؤكدا للسياحي أن هذه القصور “و هي سبعة قصور” متباعدة عن بعضها البعض لكن هندستها واحدة، مضيفا أنها تقوم على ثلاثية مقدسة وهي…”المسجد والسوق والبيت” باعتبارها المراكز التي يتحرك فيها الإنسان، فأول ما يبنى في القصر المسجد ففيه يجمع الناس فتجد في كل قصر مسجدا واحدا، ثم تأتي السوق وهي العمود الفقري للاقتصاد في كل قصر وفيها يجتمع الناس أيضا.
و في السياق ذاته يؤكد نفس المتحدث أنه بعد ذلك تأتي المنازل وهي متشابهة في تصميمها فتكون جدرانها عالية وهي مفتوحة من الداخل حتى تسمح للهواء والضوء بالانسياب فلا تحتاج إلى مصابيح أو مبردات إلا في أوقات قليلة جدا، مضيفا أن المنازل صممت بشكل متقارب جدا ما يجعل الأزقة ضيقة شيئا ما وتكون المنازل باردة صيفا ودافئة شتاء”.
وادي ميزاب….هندسة معمارية فريدة من نوعها
تعبر وادي ميزاب نموذج عمراني عالمي فريد و مميز، دخل إرث اليونسكو عام 1982 بفضل مدينتها الهرمية القديمة، ومئذنة جامعها ذات المائة وأربع عشرة درجة، وباحة السوق القديم الذي يتوسط القصر.
فبجرد دخولك لمنطقة وادي ميزاب يا عزيزي القارئ تقابلك قصورها العتيقة التاريخية أينما حللت وحيثما وليت وجهك، إنها آثار حضارة بني ميزاب وفنهم المعماري و الهندسي الشديد الوضوح بين أزقتها.
حيث صممت المدن المزابية لتخدم مبدأ العيش المشترك والحياة الاجتماعية المتساوية، إذ أقيمت المنازل قرب بعضها البعض، تفصلها أزقة صغيرة مسقوفة بالغالب لاحترام خصوصية كل أسرة.
حيث أكد الناشط السياحي “زكرياء مسبوك” لسياحي قائلا:” صحرائنا شاسعة و واسعة و تمثل 80 بالمئة من مساحة الجزائر، الصحراء تعتبر جوهرة المنتوج السياحي الجزائري، و هي مرغوبة سياحيا و أنا عن نفسي زرت أغلب الولايات الصحراوية منها “غرداية”.
مضيفا أنه زار منطقة وادي ميزاب التي تتميز بهندستها الفريدة، كما تتميز بكرم و جود أهلها، بالإضافة إلى تنوعها الفريد من المعالم الأثرية التي تعود للعصور القديمة المختلفة، مما جعلها وجهة سياحية يحرص على زيارتها كل ما أتيحت له الفرصة.
و من جهة أخرى أكد “عبد الرحمان عيسات” ناشط سياحي و صاحب وكالة سياحية أن غرداية تعتبر مدينة الأصالة و التاريخ من كرم وضيافة عرب بنو هلال إلى ثقافة و تقاليد وادي ميزاب، خليط ثقافي يعطي للمدينة خصوصيات منفردة ما تزال تحافظ على تراثها المادي و المعنوي من قصور و بنايات، بالإضافة إلى عادات و تقاليد و نمط عيش، كلها تعكس المدى التاريخي و الحضاري للمنطقة، و فيما يخص الرحلات السياحية التي ينظمها أكد نفس المتحدث أنه يحرص دائما على اختيار مدينة غرداية كونها أقرب ولاية للشمال من جهة، و من جهة أخرى تتميز بطابع سياحي خاص أين تلتمس من خلال زيارتها نوعين من السياحة “السياحة الثقافية و السياحة الصحراوية”، مضيفا أن غرداية تتميز بتراثها التقليدي و هندستها.”