المرشد السياحي إسماعيل بن يوب للسياحي:

يعتبر المرشد السياحي سفير الوطن، و عمله يتمثل في تعريف السائح بالمقومات السياحية و أهم الأحداث التاريخية و المعلومات التي يحتاجها السائح، و هدا ما وجدته السياحي بإسماعيل بن يوب ابن الباهية وهران.

حيث أن إسماعيل بن يوب باحث في تاريخ وهران و في نفس الوقت مرشد سياحي بالديوان الوطني لتسيير و استغلال الممتلكات الثقافية المحمية، فهو يسعى في ترويج المناطق السياحية التي تزخر بها وهران و تعريف زوارها بتاريخها العريق، و من هنا كان لنا معه الحوار التالي:

حاورته: خليدة زغلامي

السياحي: هل لنا أن نتعرف على إسماعيل بن يوب؟

إسماعيل بن يوب: السلام عليكم و يشرفني أن أتحاورك معك سيدتي الفاضلة… بن يوب إسماعيل باحث في تاريخ وهران و مرشد سياحي بالديوان الوطني لتسيير و استغلال الممتلكات الثقافية المحمية، و في نفس الوقت عضو بمخبر فلسفة العلوم و التنمية بالجزائر بجامعة وهران 2 *السانيا وهران*، بالإضافة إلى كوني ناشط في مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحة *أرسام وهران*.

السياحي: إسماعيل بن يوب مرشد سياحي حبا في هذا المجال، أم اتخذته كمهنة؟

إسماعيل بن يوب: بدايتي مع الإرشاد السياحي سنة 2017، حيث كانت هواية أحببتها بعد ما كنت انقل عائلات السياح و المجموعات المهتمة بالمعالم الأثرية إلى كل من *قصر الباي و حصن سانطا كروز* لتعريف بهذه المعالم، و شيئا فشيئا أصبحت ملما بجل المعالم الأثرية بنواحي وهران و الغرب، فقلتي في نفسي لما لا ادخل مجال التكوين و فعلا نلت شهادة المرشد السياحي المحلي سنة 2020، و مدرب مؤطر في نفس الوقت نظرا لتفوقي في هذا المجال بشهادة المختصين و أصحاب الخبرة…  وهنا بدأت حكايتي مع الإرشاد السياحي.

السياحي: ما هي أهم العناصر التي ينبغي توفرها في المرشد السياحي؟

إسماعيل بن يوب: ما هو ضروري لدى المرشد السياحي أن يمنح للزوار المعلومة الصحيحة و الدقيقة و بموضوعية، لكن قبل ذلك يجب عليه توفير الأمن فهذا الشرط أكثر من ضروري فالمرشد يكون للسائح بمثابة الحامي له أي يكون الأب و الأخ و الصديق، حيث يقوم بتقديم كل ما يحتاجونه من مساعدة و خدمات متوفرة منذ خروج السائح إلى حين عودته للفندق أو المكان المقيم فيه السائح، و أن تكون لديه شخصية مؤثرة و قوة الخطاب للتحكم فالمجموعة التي معه.

السياحي: ما هي الصعوبات التي تواجه المرشد السياحي؟

إسماعيل بن يوب: الصعوبة التي يواجهها المرشد السياحي أنه لم يوفي بعد حقه، فهي مهنة خطيرة بعض الشيء و مجهدة ويمكن المرشد في أي لحظة أن يعترض لحادث أو إصابة ولا يجد الدعم أو العناية اللازمة، كما أنها يجب أن تصبح معتمدة و لا تقتصر فقط على فصل الصيف و لهذا يجب على المكلفين بالسياحة و الثقافة أن يجدوا حلا لهذا الإشكال، زيادة على ضرورة توفير الأمن في معظم المعالم الأثرية لتسهيل مهمة المرشد السياحي و نقل مجموعته السائحين في ضمان تام .

السياحي: كيف يمكن لإسماعيل بن يوب أن يصف لقراء السياحي سحر ولاية وهران؟

إسماعيل بن يوب: والله ليس بن يوب من يصف سحر ولاية وهران بل تكلم عنها ووصفها كبار قدامى المؤرخين و الجغرافيين و العلماء، أمثال ابن خلدون حيث قال:* أن وهران جنة التعساء من دخل إليها فقيرا أصبح بها غنيا*، و هذا دليل على تجارتها المربحة منذ قرون، كما تكلم عن كرم و جود وهران إمامها القطب سيدي الهواري حيث قال: *من دخل وهران وجب عليها عشاؤه ومن غادرها عاد إليها مرة أخرى *، كل هذا الكلام يوحي بمدى سحر مدينة وهران الرباني فموقعها الاستراتيجي جعلها مقصودة من الجميع تجار علماء رجال دين، فقد كانت تعتبر بوابة إفريقيا بامتياز.

و ربما الشيء الوحيد الذي يمكنني إضافته بصفتي ابنها هي أن وهران تسحر كل من يزورها فسحرها رباني و أهلها ذوي نخوة عرفوا بضيافتهم منذ القدم، ومن عاداتهم إيثار الضيف على أنفسهم وهذا ما هو حصري لدى ساكنة وهران .

السياحي: ما هي الأمور التي تساعد على الجذب السياحي لمدينة وهران؟

إسماعيل بن يوب: في ظل غياب إعلام حقيقي مختص في الدعاية والترويج لسياحة بلدنا و التعريف بمعالمها الأثرية و السياحية، الآن الحمد لله مع صفحات التواصل الاجتماعي أصبحنا نلعب دور الإعلام البديل و التعريف بأنفسنا لسياحة و ثقافة بلدنا المتنوعة، و هذا ما أقوم به شخصيا عبر صفحتي *أرسام وهران* التي من خلالها أنشر مقالات عن مواضيع عامة تخص تاريخ منطقة وهران وتراثها المادي و اللامادي، و القيام بفيديوهات تعريفية لتعريف أكثر بالمدينة العريقة وهران زيادة على ذلك نقوم بحملات تحسيسية لضرورة الإعتناء بما تزخر به مدينة وهران من معالم،  و في الأخير نقول ان مواقع التواصل مكننا من التعريف بمدينتنا وطنيا و حتى دوليا .

السياحي: دور المرشد السياحي يتمثل في إبراز الجوانب السياحية و التعريف بالمقومات التي تتميز بها مدينته…. حدثنا على أبرز المقومات السياحية التي تزخر بها وهران.

إسماعيل بن يوب: ليكن في علم قرائنا الأعزاء أن وهران أثبتت حضورها و تواجدها عبر مختلف الحقب الزمنية المؤرخ لها ابتداء من فترة ما قبل التاريخ، حيث يتواجد بقرية *كريشتل* شرق وهران مغارات و ملاجئ سكنها الإنسان ما قبل التاريخ و إلى يومنا هذا من خلال خرجاتنا لهم نجد بقايا الأسهم المستعملة في الصيد آنذاك من الحجارة و العظام، ثم بفترة التاريخ القديم نجد بقايا *المدينة الفينيقية البونيقية* ببلدية بطيوة شرق وهران التي تأسست فالقرن السادس قبل الميلاد، ثم استعملها الرومان و قاموا ببنائها من جديد فأصبحت تعرف باسم *بورتيس ماغنيس* بمعنى الميناء الأكبر  .

ثم في الفترة الإسلامية هناك قصبة وهران التي تأسست من طرف الأندلسيين سنة 902م و تعتبر أعتق القصبات بالجزائر، و لازالت متواجدة ليومنا هذا بحي *سيدي الهواري العريق*  كما و هناك عدة حصون و قلاع تعود للفترة الإسلامية بوهران من بينها *البرج الأحمر و برج أم المرسى* اللذان بنيا في الفترة المرينية بأمر من السلطان ابو الحسن سنة 1347، حتى الفترة الإسبانية شهدت تحصينات كبيرة لمدينة وهران إذا تم بناء 12 حصن دفاعي اغلبهم لازال متواجد، و لعل أشهرهم حصن *سانطا كروز* و *حصن سانت اندري* و *حصن لامونا* *حصن القديس فيليب* وغيرهم … والمعالم التي تعود للفترة العثمانية منها *قصر الباي* بوسط المدينة و المساجد العثمانية ك *جامع باشا و مسجد الباي محمد الكبير و مدرسة الباي محمد الكبير و جامع البرانية …… إلخ* ، و أخيرا معالم فترة الاستعمال الفرنسي موجودة بكثرة بوسط مدينة وهران خاصة الكاتدرائيات الموجودة و الكنائس و حلبة الثيران الأولى في افريقيا، و المسرح ودار البلدية و البنايات التي تزين مدينة وهران بطابعها الهندسي الجميل، حيث أن الديكور الجديد آنذاك كان يتم تجريبه في وهران قبل نقله إلى باريس بفرنسا .

السياحي: ما هي أبرز العادات والتقاليد التي تشتهر بها الولاية خاصة في الأعياد و المناسبات؟

إسماعيل بن يوب: من هنا لابد أن نعود إلى التفكير و التعريف بعادات أجدادنا، فقبل الاستعمار الفرنسي كانت منطقة وهران و ضواحيها عبارة عن عروش أبرزها *الدواير و الزمالة الغرابة، و الغوالم الحميان اولاد علي و بنو عامر*، و هؤلاء من العرب الذين حافظو على تقاليد أجدادهم و كانوا يقومون كل مرة سنويا بالوعدة أو كما يعرف بمناطق أخرى بالطعم ، وخلال تلك الوعدات التي تتمثل في أطباق شهية من الأكلات أبرزها *الكسكس* يلتقي أهل المدينة بالبادية و تلتحم رابطة التعارف و المحبة بين الحاضرين من كبار و صغار،  كما أن هناك عادات خاصة بأهالي وهران خاصة فالمناسبات الدينية خلال شهر رمضان حيث تطبخ أكلات خاصة بالمنطق كالمعقودة والحريرة و طبق الرڨاق الخاص بليلة السابع و العشرون، وبمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف كانت تقام احتفالية بساحة الطحطاحة بحي مدينة الجديدة الشعبي و كانت تدوم مدة أسبوع يأتي الناس لحضور الاحتفالية من كل حدب و صوب حتى الأفارقة و من هنا اشتهرت كلمة السبوع،  كما أن أهالي منطقة وهران يلتقون فالأعياد خاصة عيد الفطر في دار الشيخ الكبير و غالبا ما يكون الجد و هناك يتم تبادل أطباق الحلويات و ذلك لتغذية المحبة و العقول قبل البطون، وهناك عادات و تقاليد عديدة يصعب ذكرها جميعا لوفرتها و بالتالي عرفنا البعض منها للذكر لا للحصر .

السياحي: ماذا يعني لك تاريخ وهران كباحث؟

إسماعيل بن يوب: لوهران تاريخ عميق و سر كبير لم يفشى بعد، حير الأجنبي قبل المحلي و لا يخفى على القارئ أن وهران عانت الويلات من الحروب و المعارك غير أنها ظلت صامدة أبية رافضة الاستعمار و الاستعباد، فقبل الاستعمار الفرنسي عانت وهران من حوالي ثلاث قرون من الاستعمار الإسبانية الذي كان همه الوحيد محو الإسلام من المنطقة و تنصير أهاليها غير أن ساكنتها كانت لهم بالمرصاد، فكباحث وجب علينا البحث و التدقيق فالمعلومة الصحيحة و استرجاع بعض الصفحات المطموسة من تاريخها المجيد و التفصيل في مختلف الفترات التاريخية الاستبدادية منها كالتواجد الروماني ثم الإسباني و الاستنجاد العثماني، فوهران عبر التاريخ ليست وهران الحالية المظلومة إعلاميا، فوهران كانت قطب تجاري علمي ديني ثقافي بامتياز و هذا ما أكده المؤرخون المتقدمون منهم و المتأخرون.

السياحي: إسماعيل بن يوب صاحب صفحة “ارسام وهران” …. كيف واردتك فكرة إنشاء هذه الصفحة؟

إسماعيل بن يوب: فالحقيقة أنا و مجموعتي كنا ننشط فالمجال الثقافي و نقوم بخرجات استكشافية و جولات للتعريف بالمعالم الأثرية، و نقوم بنشرها على حسابنا الخاص و بعد أن زاد الطلب و الاهتمام بحسابي الخاص أتصل بي احد المهتمين و المتابعين لمنشوراتي و شجعني على ضرورة فتح صفحة خاصة بالتاريخ، و فعلا قمت بفتحها السنة الماضية و هي الآن بفضل الله محل متابعة و اهتمام كبيران من طرف الباحثين و الطلبة الجامعيين إضافة إلى المهتمين داخل الوطن و فالخارج، حيث نوفر للقارئ المعلومة الدقيقة و الصحيحة لتاريخ وهران مرفوقة بالسند مرجعا كان ام مصدر .

السياحي: من الذي اختار اسم الصفحة؟ و لماذا “ارسام وهران” بالذات؟

إسماعيل بن يوب: انا من اخترت اسم أرسام وهران بعدما رأيت أن معنى الكلمة مطابقا تماما لما نقوم به من خرجات توثيقية لأرسام و معالم وهران، و كلمة أرسام هي جمع رسم و الرسم مرادفا للوصف فأرسام وهران تساوي أوصاف وهران،  وفي الأخير هذه الكلمة اقتبستها من الأغنية المشهورة للمطرب الوهراني هواري بن شنات “أرسام وهران” حيث أن المطرب تفنن في وصف مدينة وهران و معالمها القديمة التي لم يعد البعض منها موجودا فقلت في نفسي لنجعلها صفحة أرسام وهران.

السياحي: ما هي المواضيع الأساسية التي تحاول التسليط عليها من خلال الصفحة؟

إسماعيل بن يوب:  نحن نسعى لتسليط الأضواء عن كل الحقب التاريخية لمختلف الأزمنة بغض النظر عن ديانتها أو كيفية تواجدها بمنطقة وهران، لكن هذا لن يمنعنا من العمل بالأولويات خاصة في وهران نعاني من طمس بعض الحقب التاريخية التي سعينا لإظهارها خاصة الفترة الفينيقية و البونيقية التي تواجدت بالجزائر و وهران بقرون قبل التواجد الروماني  و الفترة الإسلامية التي لا تزال تحتاج الكثير من الأبحاث الدقيقة إلى الأدق، فهذه الفترة التي عرفت فيها وهران ازدهارا كبيرا و ريادة في جميع الميادين قام بطمسها وإخفاء حقيقتها المستعمر الإسباني منذ وطأ قدميه بوهران عبر المرسى سنة 1505،  زيادة على ذلك تاريخ الثورة التحريرية بمنطقة وهران التي كانت تعتبر نواة الولاية الخامسة التي احتضنت قياديين كبار أمثال *العربي بن مهيدي* لينضموا إلى أبناءها *حمو بوتليليس وزدور ابراهيم،  و زبانة و الحاج بن علة و بن حدو بوحجر* و القائمة طويلة، فهذه الأسماء لم تنل حقها من الكتابة التاريخية و التوثيق و هذا ما نسعى إلي تسليط الضوء عليه من خلال صفحتنا أرسام وهران بتوفيق من الله طبعا.

السياحي: إلى أي مدى ساعدتك الصفحة في التعريف و الترويج لولاية وهران؟

إسماعيل بن يوب: صراحة تقوم الصفحة بطفرة نوعية في التعريف بتاريخ معالم وهران و الترويج لسياحتها و ذلك بمساعدة دكاترة و أستاذة مختصين فالمجال أثناء مشاركتهم لنا لخرجات ميدانية، فمن خلال الصفحة تعرف الباحثون و المهتمون على موقع و تاريخ قصبة وهران الأندلسية التي كانت بالأمس القريب مجهولة لدى الكثيرين، و أيضا هذه الصفحة ساهمت في التعريف أكثر بموقع بطيوة الأثري و بنواته الفينيقية بعدما كان محسوبا على الفترة الرومانية فقط، أما الجانب الثوري بمنطقة وهران فقد كان يعاني من نقص كبير فالتعريف بل مجهولا تماما غير أن صفحتنا مكنت متابعيها من التعرف على عدد لا يستهان به من قياديين ثورين و مجاهدين من أبناء وهرانو ضواحيها لم يكن يعرف عليهم شيء قبل نشرنا لسيرتهم و نضالهم الثوري .

السياحي: بما تطمح مستقبلا؟

إسماعيل بن يوب: أطمح مستقبلا لرؤية وهران تضاحي وتنافس أكبر المدن السياحية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، و ذلك بالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي تزخر بها المنطقة من معالم أثرية و أماكن طبيعية و تراث مادي و لامادي من شأنه أن يرفع مستوى السياحة بمدينة وهران، إضافة إلى مدى التجاوب الإيجابي لساكنة وهران مع السائح المحلي و حتى الأجنبي فهذه الميزة الطيبة لأهالي المدينة ستكون عامل ايجابي يصب في مجال السياحة بمدينتنا العريقة، و انا على يقين أنه لو توفرت لدينا الإمكانيات اللازمة و تسخيرها لخدمة وهران فستكون هذه المدينة من أكبر المدن استقطابا السياحة بالنظر على مدى عراقتها و بعدها التاريخي.

و على الصعيد الشخصي أشعر لتوثيق كل ما توصلت إليه من نتائج أبحاث خاصة و مشتركة، و الاعتناء ببعض المواضيع القيمة الخاصة بتاريخ الثورة بمنطقة وهران و تأليفها بكتب ندعم بها المكتبة الوطنية و تفيد الباحث بإذن الله، مع العلم إني اقتربت من الانتماء من تأليف الكتاب الأول حول شخصية الشهيد بن بكريت عبد السلام.

السياحي: كلمة أخيرة ….

إسماعيل بن يوب: فالأخير نعد القارئ ان نبذل قصارى جهدنا بدعم سياحة وهران بما نحمله من أفكار بناءة من شانها أن تعود بالإيجاب على السياحة بمدينتنا الأم، و بصفتي مرشد سياحي بالديوان الوطني نسعى لمضاعفة مجهوداتنا من اجل تمثيل مؤسستنا أحسن تمثيل في مختلف المحافل و المحطات التلفزيونية و الإذاعية، و إعطاء أحسن نموذج للمرشد و تقديم أفضل خدمة للسائح المقبل على وهران .